|
|
 |
إن الناظر والمتمعن في حال المغاربة ليشعر بالفزع والغصة والحنق والشفقة
فالبلاد في أزمة بشرية حقيقية، لسان حال كل واحد منا يقول:"وانا مالي" وهذه الحالة من اللامبالاة المستشرية في جسد المجتمع تنخره هي نتاج مجموعة من العوامل المتداخلة والتي أحاول أن أوجزها فيما يلي
أولا: هناك تراجع الدور التربوي للمدرسة
ثانيا: الأمية بالمفهوم الكلاسيكس
ثالثا: الأمية - موت الضمير حتى لدى المثقفين
رابعا: تخلي الدولة عن مسؤولياتها الأخلاقية والأدبية اتجاه المواطن
ولعل العامل الأساسي هو الأول: أي تراجع دور المدرسة. نعم إن رسالة الإسلام استغرقت 23 سنة، منها 13 سنة الأولى في ترسيخ عقيدة التوحيد فقط، أي الإعداد النفسي. لأن الصحابة رضوان الله عليهم عندما ترسخت لديهم هذه العقيدة أصبحوا هم يبحثون عن التشريع -والذي هو الجزء الثاني من الدعوة في العشر سنوات المتبقية من الرسالة النبوية على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم
إذن الإعداد النفسي هو الأساس في كل عمل
ففريق الكرة مثلا إن لم تكن معنوياته عالية وإن لم يتم إعداده نفسيا لملاقاة الخصم فإن حظوظ فوزه تكون ضئيلة، فما بالك بمشاريع أمة؟؟
إن المدرسة العمومية اليوم أصبحت تخرج أفواجا من الأميين الذين سرعان ما ينسون ما تعلموه بمجرد مرور أيام الامتحانات، هذا إن تعلموا شيئا أصلا، أما إن حصلوا على الدبلوم بالغش وتبادل الأجوبة داخل فصل الامتحان فلا تعليق
المدرس والإداري اليوم فضلا عن الدولة مطالبون بالعمل على إعداد جيل مسؤول يطرح الأسئلة المهمة ويراجع نفسه ومردوديته باستمرار
فالطالب يجب أن نعلمه أنه لن يبقى طالبا إلى الأبد بل إنه سيكبر بأسرع مما يظن، وسيجد نفسه أمام مسؤوليات جسام اتجاه نفسه وعائلته وأبنائه ووطنه
والطالب يجب عليه أن يسأل
لماذا خلقت؟
لماذا أنا هنا؟
لماذا أتحمل عناء الحضور إلى المدرسة يوميا؟
لماذا والداي يكدان وربما يكلان لكي يوفرا لي الكتب وربما المصروف اليومي؟
لماذا أدرس أصلا؟
هل طرأ أي تغيير على شخصيتي بسبب المدرسة أم أنه لا فرق بيني وبين الأمي؟
إلى غير ذلك من جوانب المساءلة الشخصية التي من شأنها أن تنير درب المتمدرس
والمدرس عليه أن يعلم أن مسؤوليته جد جسيمة، فليس المطلوب منه فقط شحن الطلبة بالمعلومات التقنية ولكن وقبل كل شيء عليه تنشئة المواطن المسؤول المبادر الحامل للهم، عليه أن يبذل قصارى الجهد في تربية النشء أولا قبل تعليمه، لأن الطالب إذا تم إعداده للعلم فسيبحث عنه بنفسه. فالمدرسة إذن يجب أن تربي لا أن تعلم
أما الدولة فعليها أن تحارب كل الشوائب التي تشوه سمعة المدرسة أو تحول دون تحقيق أهداف التمدرس، وأظن أن أول ما على الدولة محاربته الهجرة غير المقننة. لا يجب أن نسمح بهجرة أناس غير مسؤولين سيسيئون إلى أنفسهم وإلى الوطن خارج الحدود
لم لا تصبح الهجرة إلى الدول الأخرى رهينة الحصول على شهادة البكالوريا بامتياز؟؟ لوقامت الدولة مثلا بهذه الخطوة لحمت مواطنها من الضياع وهيبتها وسمعتها من التشويه
هذه فقط بعض جوانب الموضوع فقط لنتحسس موضع الخلل
والله تعالى أعلى وأعلم |
|
 |
|
|
|
|